نكتب هذا التقرير عن تطور الأحداث الدامية في ليبيا ولا ندري إذا كان سيصل إلى "الشروق" أم لا، فقد قام مجنون ليبيا باتباع سيناريو الرئيس المصري المخلوع مبارك بقطع الإنترنت كليا عن معظم أرجاء البلد، في وقت لا تزال تجري فيه معارك حاسمة بين كتائب أمنية موالية للعقيد معمر القذافي والثوار، كان آخرها سقوط عشرات القتلى والجرحى في انفجار مستودع للذخيرة شرق بنغازي، واقتحام كتائب القذافي مدينة الزاوية، وإعلان الثوار السيطرة على بلدة رأس لانوف النفطية غرب بنغازي.
* في مشهد مروع وقع ليلة أمس السبت، في منطقة وادي القطارة، سمع دوي انفجار رهيب بأحد مخازن الذخيرة وهرعت سيارات الإسعاف والمواطنين إلى مكان التفجير، إضافة إلى العشرات من الثوار والعسكريين الذين حاولوا تمشيط المنطقة المحيطة بمكان التفجير.
* وجاء المشهد الذي لا يمكن أن يتخيله أحد ولا يقدر الإنسان العادي على تحمله، فالجثث بالعشرات وبعضها أشلاء لا يمكن تجميعها فضلا عن الإصابات بالغة الخطورة، وقدرتها قوات الإسعاف بالمئات والتي كان يصعب عليها نقلها إلى المشافي، بينما سارع المواطنون إلى نقل الجثث المتفحمة عبر سيارات مكشوفة وسط تصاعد أعمدة النيران.
* وأكدت قوات عسكرية في المنطقة أن الانفجار كان شديدا جدا، حيث تناثرت أشلاء بشرية وقطع سيارات وأبنية على بعد مئات الأمتار من مركز الانفجار نفسه، مشيرة إلى أن أغلب الضحايا هم من سكان المنطقة وعمال أجانب مقيمون هناك، حيث أن الانفجار وقع في وقت لم يكن فيه الثوار موجودين بالمكان.
* وقال شاهد عيان لـ"الشروق" إنه شاهد أربعة رجال يتسلقون سور المعسكر ويضرمون النار في المخازن، لتتكفل الذخيرة الموجودة بالباقي، مشيرا إلى أنه يعتقد بأن التفجير حدث في مخزن الذخيرة في ظل غفلة من الثوار.
*
* السيطرة على رأس لانوف
*
* في المقابل، احتفل أهالي بلدة رأس لانوف النفطية، التي تقع غرب بنغازي، حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية بسيطرة الثوار على البلدة، وهو آخر ميناء لتصدير النفط بقي تحت سيطرة القذافي، بعد معارك عنيفة مع الكتائب الموالية للقذافي، وردد الثوار هتافات منددة بنظام العقيد الليبي وبالتهديدات التي تضمنتها تصريحاته منذ بداية ثورة17 فبراير.
* وقال الثوار إنهم استولوا على البلدة المطلة على البحر المتوسط والتي توجد فيها مصفاة ومرفأ للنفط، بعد أن طردوا منها قوات موالية لنظام القذافي إثر هجوم عسكري على مشارفها.
* وكان آلاف الثوار المسلحين في مدينة العقيلة في الشرق، التي سيطروا عليها في وقت سابق، والغراميد قد زحفوا نحو منطقة رأس لانوف لمساندة الثوار هناك بعد أنباء وردتهم عن انشقاق داخل الكتيبة الأمنية الموالية للقذافي في تلك المنطقة.
* وقال محمد ساعد، أحد قيادات الثوار الليبيين والمشرفين على معركة رأس لانوف، لـ"الشروق": "بعد سيطرة الثوار على لانوف سنزحف غربا بعد طرد قوات مؤيدة للزعيم الليبي معمر القذافي من بلدة رأس لانوف النفطية".
* وأضاف مساعد: "نحن الآن نسيطر على بلدة بن جواد الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا غربي رأس لانوف. وتقع بن جواد على بعد نحو 525 كيلومتر شرقي طرابلس، وسنتقدم صوب ما هو أبعد من بن جواد".
* ولم يتوقف القتال شرق ليبيا بين الثوار والقوات الموالية للقذافي منذ مساء الجمعة، خاصة في المدن والقرى ذات البعد الاستراتيجي بين بنغازي التي يسيطر عليها الثوار والعاصمة طرابلس التي يتحصن فيها العقيد القذافي.
* وفي بنغازي كبرى مدن شرق ليبيا التي يسيطر عليها الثوار، قال مصطفى غرياني، المتحدث باسم ائتلاف 17 فبراير لـ"الشروق": "قوات موالية للقذافي قصفت بالطائرات مخازن أخرى للذخيرة على أطراف المدينة". وأضاف غرياني: "إن مشافي بنغازي تعج بمئات الجرحى والقتلى نتيجة عمليات القصف الجوي"، مضيفا: "لا خيار أمامنا سوى مواصلة معركتنا ضد هذا الدكتاتور".
* وفي وقت سابق، قال متطوعون من المعارضة المسلحة إن هجوما صاروخيا شنته طائرة حربية حكومية أخطأ قاعدة عسكرية يسيطر عليها المعارضون ويوجد بها مستودع للأسلحة في بلدة اجدابيا شرق البلاد. كما أصيب شخصان في إحدى المواجهات مع الكتائب الموالية للقذافي يأجدابيا غرب بنغازي.
*
* القذافي يتعاطى المخدرات
* من جانب آخر، وصف أحد الصحفيين الأجانب ما يدور في ليبيا بأنه أشبه بيوم القيامة، وقال الصحفي والمحلل السياسي الألماني شتيفان بوخن: "قمت بتغطية العديد من المناطق التي دارت فيها الحروب مثل العراق وأفغانستان، لكن المشاهد هذه كانت ناتجة عن حروب ولم أر رئيس دولة يقوم بعمليات إبادة جماعية مثل ما يفعل هذا المجنون".
* وقال "إن القذافي بدا غريبا وكأنه ليس في حالة طبيعية، ولكن من زار القذافي خلال السنين الأخيرة، أو حتى قبل عشرين سنة فإنه بالتأكيد قد لاحظ أنه لم يكن أبدا في حالة طبيعية"، مضيفا: "أنا لا أستبعد قيامه بتناول مواد مخدرة قبل إلقائه للخطابات، ولكنني لا أملك طبعا أي دليل على ذلك".
* وأشار بوخن إلى أن القذافي يريد أن يظهر هؤلاء الثوار على أنهم عناصر خارجة عن القانون، كما أنه يرفض الاعتراف بوجود استياء شعبي واسع من سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية وخاصةً في شرق ليبيا. ولكن المثير للدهشة أن القذافي حذا حذو سابقَيه مبارك وبن علي في تعاطيه مع المحتجين، فيما لم يتعظ بالمصير الذي آل إليه كل منهما في نهاية الأمر.
* وقال بوخن: "مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية المناوئة لحكم القذافي في السابع عشر من فبراير لم يتوان الزعيم الليبي عن إرسال الجيش لقمع المحتجين، إلا أنه لم يتوقع أن ينضم عدد ليس بالهين من الضباط والقياديين إلى صفوف المحتجين، من بينهم بعض من اعتبروا من المقربين للقذافي". وأرجع هذا التحول السريع في ولاءات الجيش إلى تعامل القذافي مع المؤسسة العسكرية الرسمية، ورغبته في تهميشها خوفا من أن تصبح قوة قد تهدد حكمه يوم ما.
* وأضاف: "القذافي لم يهتم على الإطلاق ببناء جيش قوي، لأنه كان سيشكل تهديدا له. وهذا يعني أنه برغم توفر أسلحة للجيش، إلا أن الذخائر ليست متوفرة، أو ليس هناك تدريبا على استخدام هذه الأسلحة، والقذافي ركز على بناء وحدات قتالية خاصة قام بتعيين أولاده على رأسها وهي تتكون في معظمها من موالين له".
*
* إسرائيل تضع يدها في يد المجنون
* وكشفت مصادر عسكرية ليبية توفر معلومات مؤكدة لديها بأن مجموعة من الخبراء الإسرائيليين وصلت إلى ليبيا على متن طائرة خاصة، هبطت في مطار سرت قبل أيام لمساعدة نظام الديكتاتور معمر القذافي على استعادة زمام الأمور ميدانيا ضد الثورة.
* وأكدت المصادر أن المجموعة الإسرائيلية تشمل متخصصين في التعامل مع حركات الاحتجاج الشعبية، ومعها معدات خاصة متطورة قادرة على الرصد الجوي والبري والتدخل نهارا وليلا.
* وأشارت إلى أن هذه المجموعة وصلت ليبيا بوساطة جهات دولية صديقة لم تجد صعوبة في إقناع القذافي ونجله سيف الإسلام باللجوء إلى المساعدة الإسرائيلية، بعد ما تأكد له انحياز غالبية الدول العربية والغربية إلى ثورة الشعب الليبي.
* وذكرت المصادر أن القذافي استعان بالإسرائيليين سابقا عندما اشتد الخناق عليه إبان أزمة لوكربي، بوساطة من رئيس الوزراء الإيطالي السابق جوليو أندريوتي؛ الذي أوفد له رئيس الجالية اليهودية في إيطاليا رافائيللو فلاح، واتفق معه على إرسال وفود إلى الكيان؛ بحجة أنهم حجاج، وكان على رأسهم مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى في أجهزة الاستخبارات.
* وفي نفس الاتجاه كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية عن ترددت أنباء نسبتها إلى مصادر دبلوماسية إسرائيلية رفيعة بأن سيف الإسلام، نجل العقيد معمر القذافي، قام قبل يومين بزيارة خاطفة ومفاجئة إلى إسرائيل لطلب المساعدة لإنقاذ النظام.
* وقالت الصحيفة العبرية إنه بحسب مصادر ليبية أخرى فإن العلاقة بين سيف الإسلام وإسرائيل تطورت كثيراً خلال الأزمة الحالية وسط أنباء عن تولي شركات أمنية إسرائيلية نشطة في تشاد تجنيد مرتزقة وإرسالهم إلى ليبيا محققة مكاسب بمليارات الدولارات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا لكم