استديو ملوى

السبت، يونيو 25، 2011

«هل كان يتوقع أفندينا، ولى النعم، الخديو إسماعيل أن تصل ترعة الإبراهيمية التى أطلق عليها ذلك الاسم تيمناً بأبيه إبراهيم بن محمد على باشا لما وصلت له اليوم؟».. دعونا نتغاض عن هذا السؤال، ونقل: هل تعلم أنت أيها القارئ أن تلك الترعة تُعد من أقدم الترع التى تم إنشاؤها بصعيد مصر؟ هل تعلم أن سريانها يبدأ من نهر النيل عند أسيوط وينتهى عند أشمنت بشمال مدينة بنى سويف، وأن طولها يبلغ 267 ك؟ هل تعلم أن الخديو أنشأها لرى أكثر من 2 مليون فدان بمحافظات أسيوط والمنيا وبنى سويف؟ لا تعلم ولا يعلم الكثير منا وأنَّى لنا العلم فى زمن بخل علينا حتى بالحفاظ على ما أنجزناه فى عهود الماضى. نبدأ القصة من البداية: قام بتصميم ترعة الإبراهيمية وإنشائها المهندس المصرى مصطفى بهجت باشا، الذى كان يعمل مفتشاً لهندسة الوجه القبلى حينذاك وشارك فى بناء القناطر الخيرية، واعتمد فى تنفيذها على عمالة قوامها أكثر من 100 ألف نسمة عملوا -يا ولداه- بالسخرة فى أعمال حفر الترعة لمدة 6 سنوات متواصلة، أعقبوا فيها الليل بالنهار منذ عام 1867 وحتى عام 1873، لتكون الترعة عند الانتهاء منها واحداً من أعظم مشاريع الرى فى العالم وقتها. غابت نضارة الترعة وغاب الهدف من حفرها وباتت اليوم واحداً من ملامح التلوث الذى بات يميز الكثير من الصور فى مصرنا العزيزة «بنت النيل». كل أنواع التلوث البيئى تجدها فيها، لن تشتهى نوعاً وتسأل عنه ولا تجده. مخلفات منازل، مصبات لزوايا الصلاة المقامة على جانبيها، مأوى للحيوانات النافقة، غسيل أوان، غسل حيوانات، قضاء حاجات المواطنين، وتكتمل صورة التلوث لترتع على جانبيها الفئران والحشرات، ما أقبحها من صورة لم يتوقعها ولى النعم حينما فكر فى حفر ترعة تحمل اسم أبيه تكون رمزاً للنماء والخير فتروى 2 مليون فدان. «إيه اللى رماك على المر.. اللى أمرّ منه» هكذا يقول المثل، وهكذا يبرر سكان الصعيد الذين تمر على أراضيهم ترعة الإبراهيمية لجوءهم إليها لقضاء كل ما سلف، ومن هؤلاء «الست سكينة» التى أكدت أنه لا يمكنها غسل الأوانى بالمنزل لعدم وجود صرف صحى لديهم، وارتفاع المياه الجوفية فيلجأون للترعة يقضون بها ما يريدون من غسيل أوان وملابس، وأحياناً أجساد الأطفال، تنظر لك بعجب لحديثك معها وتسألك: «ماذا نفعل؟»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لكم